«المشير» يتولى وزارة الداخلية
بقلم|محمد أمين
لا هى غريبة ولا هى عجيبة، إذا تولى المشير طنطاوى وزارة الداخلية.. عملياً استقرار البلاد مسؤولية المجلس العسكرى.. ولا هى عجيبة ولا غريبة، إذا قلنا إن عبدالناصر تولى وزارة الداخلية، بعد ثورة يوليو 1952 وإعلان الجمهورية.. وقبله تولى حقيبة الداخلية سعد زغلول، ولطفى السيد، وفؤاد سراج الدين.. آخر وزير داخلية قبل ثورة يوليو.. فما الغريب أن يتولاها المشير؟!
المعنى أن «الجنزورى» ليست قضيته، فى تعيين وزير للداخلية.. القضية فى اختياراته كلها.. وربما فى اختيار الجنزورى نفسه.. فقد اختار وزراء يستفزون الرأى العام، وأبقى على وزراء طالب الميدان بتغييرهم، وتحدث عن صلاحيات لا يملكها.. وتعثر فى تشكيل حكومته.. ليس لأنه لا يجد مرشحين.. وليس لأن هناك من لا يريد العمل معه.. ولكن لأنه مازال يشعر، أن الثورة لم تقم بالمرة!
وحين يكون رئيس الوزراء، خارج الزمن، فلابد أن يحدث هذا الارتباك.. وحين يكون خارج الزمن، لابد أن يتعثر.. وحين يكون خارج الزمن، سيتجاهل الثورة.. وحينما يكون خارج الزمن، لن يعرف إن كان الوزير المطلوب مدنيا أو عسكرياً.. من الشرطة أو من الجيش.. يبقى على منصور عيسوى أو يغيره.. شخصياً لا أجد مبرراً للتغيير فى وزارة الداخلية.. المطلوب تغيير الطرف الثالث!
لا أتصور أن أحداً كان يرفض منصب وزير الداخلية.. الآن يرفضون لأنهم سينتحرون.. وقد يخرجون من الوزارة إلى السجن.. الأفضل هو الانسحاب.. لو كان هناك نبى للداخلية، فى ظل وجود طرف ثالث، يطلق البلطجية والكلاب، فلا جدوى.. الأول الطرف الثالث يستسلم، أو يتعهد بأنه لن يعمل فترة.. يأخذ هدنة.. ساعتها ممكن أى رائد أو مقدم، ينفع وزيراً للداخلية!
فى أول عهد الجمهورية، تولى البكباشى جمال عبدالناصر، وزارة الداخلية بنفسه، رغم أنه كان قائد تنظيم الضباط الأحرار.. كان يدرك أن الثورة لا يمكن أن تنجح دون أمن.. اختار عبدالناصر وزارة الداخلية، خشية تكرار حريق القاهرة فى 26 يناير.. وأدرك عبدالناصر أن الخطر قد يأتى من فلول النظام.. وهكذا كان الهدف حماية استقرار البلاد.. وهى نفس مهمة حكومة الإنقاذ!
فلماذا لا يبقى منصور عيسوى، إن كانت لديه رغبة، وليس مصراً على الاستقالة؟.. ولماذا لا نوفر له الوسائل والأدوات؟.. هل هناك يد لا تريد غير الفوضى؟.. هل الطرف الثالث يختار توقيتات الهدنة، وتوقيتات الفوضى؟.. ماذا يفعل أى وزير داخلية؟.. لا تفسير غير أن هناك يداً تعمل لضرب استقرار البلاد.. لكنها الآن معروفة.. بحيث تدوس على الزر فتهدأ الأمور، وتدوس على الزر فتشتعل!
ومن هنا أعود إلى الاقتراح، بأن يكون المشير وزيراً للداخلية.. وهنا سيختفى الطرف الثالث.. وهنا يعود الأمن والاستقرار.. فقد تولى عبدالناصر حقيبة الداخلية.. وأظن أن السادات أشرف عليها من الباطن، بعد انتفاضة 18 و19 يناير.. التى سماها انتفاضة الحرامية.. وأظن أيضاً أن مبارك أشرف عليها، فى وجود وزير للداخلية مرتين.. واحدة بعد حادثة الأمن المركزى، وأخرى خلال الإرهاب!
لا حل غير أن يتولاها المشير، خاصة أن الشرطة العسكرية هى التى تدير منظومة الأمن.. كما أن القوات المسلحة هى التى تتولى خطة التأمين فى عام الانتخابات.. من أول الشعب والشورى وحتى الرئاسة.. فإذا عاد «العسكرى» إلى مهمته الرئيسية، وسلم السلطة.. سلم معها وزارة الداخلية لحكومة مدنية!