بقلم سحر الجعارة ٧/ ١/ ٢٠١١ كانت ترى وجه الله يطوف بالمصلين، تشعر بنبض «العذراء» ينظم دقات قلبها. تعانق الغد من موقعها داخل كنيسة «القديسين»، تهمس بأغنيات الصبا وتتراقص من حولها الأحلام.. إنه «العيد»، وهى صانعة الأعياد، تمنح الحياة براءتها، وتزين البيت بصوت الفرح، وتغزل أيامها بابتسامة خجول. إنها «مريم»، البنت الكبرى «سر أبيها» و«وعد أمها». نثرت أسرارها على شاطئ الإسكندرية، أمنته أن يحفظ دوامات العشق ليستمر الحب فى شرايين البشر، وصدحت ببعض التراتيل الدينية داخل مكتبة الإسكندرية ودعت - فى سرها - أن تظل منارة لحرية الفكر، ثم تهيأت لصلاة العيد. سطرت حروفها الأخيرة فى سماء العالم الافتراضى، أودعت أمنيتها الأخيرة بين صفحات «الفيس بوك» وكأنما أرادت أن تظل ابتسامتها شاهدة على مذبحة كنيسة القديسين!. كانت تطير كفراشة فى حديقة «آمنة» بعيدا عن كهوف «أفغانستان»، تمارس شعائر دينها فى سكينة - مثلنا جميعا- دون أن ترهق عقلها بسؤال عن دين ورثته عن أهلها!. إنها مؤمنة، نفس إيماننا المستعار من كل ما ألفناه وتربينا عليه واعتبرنا أنه «الحق» دون غيره. لم تعرف «مريم» أن «التعصب» قاتل، ربما لأنها لم تواجهه ولم تختبر قسوته. لم تخرج يوماً فى مظاهرة أسلمة أو تنصير، ولا كانت طرفاً فى جرائم تسييس الدين. ومع بداية المذبحة استشهدت «مريم» ليتعلم الوطن أن يبكى أبناءه بدلا من التنكيل بهم، لندفع «حكومة وشعبا» ثمن الدم الطاهر الذى لم نراع حرمته. ماتت لأننا لا نستحقها، لأن الوطن صار أقبح من أن يستوعب نقاءها. دفعت عمرها ثمن تغيير لم تقصده ولن تشهده، تغيير ربما لن يطول لأيام أو يستمر لنمنع تكرار المجزرة!. لكنها رحلت دون أن تفهم شيئا عن شبكات الاتجار بالأديان، دون أن تجد مبرراً لتكفير الآخر، دون أن تُدرك عن أى «مؤامرة» يتحدثون؟ أهى مؤامرة الغرب الكافر (فى اعتقاد الإرهابيين) على الإسلام، أم أنها مؤامرة الكيان الصهيونى على مصر العربية، أم أنها مؤامرة الفساد على أبناء الوطن؟ ولماذا تُقدم هى تحديدا قربانا للمتآمرين، هى وشقيقتها وأمها وخالتها؟ لما تترك أباها وحيداً حزيناً، منفيا من عالم الأحياء إلى تابوت الذكريات؟ رحلت «مريم» وتركتنا وسط ألغام الأسئلة، نحتاج لحظة صمت أو ربما نصمت أياما من الحداد إلى أن تخرس أصوات «الجهاد» ودعاوى «التبشير»!. نحتاج حداداً لا تقتحمه صورة «شيخ» يغسل أدمغة الشباب بحديثه عن أهل الذمة، حداداً لا يجرحه بيان رسمى عن حقوق المواطنة. نحتاج أن نحزن حزناً نقياً من دبلوماسية القساوسة وبلاغات المحامين وجرجرة المفكرين إلى المحاكم وشنقهم فى ساحة الرأى العام!!. نحتاج للتأمل، ربما خففنا وجع اليتم عن «شيرى» أو واسينا والد «مريم»، أو راجعنا أنفسنا وتوقفنا عن النبش فى عقيدة الآخر والتفتيش فى صدره. الجرح يحتاج منا للتضحية بكل «وفاء» و«كاميليا» فى سجلنا الوطنى، يدفعنا للتفكير ألف مرة فى تفعيل شعار «حرية العقيدة»، وإلغاء خانة الديانة من الرقم القومى، وإشاعة ثقافة قبول الآخر.. تلك إشكاليات واقعنا التى لم تفكر فيها «مريم»، لم تر ذنوبنا أو ربما تجاوزت عنها، وتركتنا حيرى نبحث عن إجابة لسؤال واحد: «بأى ذنب قُتلت»
موضوع: سحر الجعارة واجمل رثاء للشهيدة مريم فكرى:بأى ذنب قُتلت 
السبت 08 يناير 2011, 10:19 am
