عدد الرسائل : 3145 الاوسمة : تاريخ التسجيل : 02/05/2008 نقاط : 12885 التقييم : 19
موضوع: لماذا يفقد بعض الآباء القدرة على توجيه الأبناء؟ الأحد 05 سبتمبر 2010, 1:04 pm
[size=29]لماذا يفقد بعض الآباء القدرة على توجيه الأبناء؟
ان انماط الحياة العصرية وما يرافقها من انشغال بتكاليف الحياة وتأمين سبل العيش لا تتيح للآباء فرصة التلازم مع الأبناء والحديث معهم، مما يحرم الابناء اهم مصادر التوجيه فطبيعة الحياة في وقتنا الراهن قللت كثيراً فرصة ان يمضي الآباء مع ابنائهم وقتاً كافياً، كما ان السلوك الاجتماعي السائد بعزل الاطفال عن مجالس الكبار يتركهم عرضة للكلام الغث الذي يتعلمونه من اقرانهم في الشارع او المدرسة، من هنا تقع على الآباء مسؤولية وخطيئة عزلة الابناء عنهم من جهة، وعن المجالس الاجتماعية من جهة اخرى مما يزيد من فرص الانحرافات والتخلف الدراسي، والضياع الفكري في محيط المراهقين، واعتناق المبادئ والعادات الهدامة، كما ان ابتعاد الآباء عن الابناء يسبب ظاهرة عجز الابناء عن حل مشكلات الحياة التي تواجههم، وتضمحل لديهم روح التعاطف والتراحم، ويجنحون الى النفعية والميول المادية.
وتبعاً لما يقوله الدكتور يوري برنار استاذ علم النفس في جامعة كورنيل إن للهندسة دوراً هاماً في تواصل الآباء بالأبناء، حيث سئل عدد من المهندسين الاميركيين عما اذا كانوا يضعون في اعتبارهم حساباً لعلاقة الآباء بالأبناء عندما يصممون المساكن فأجابوا بالايجاب.
واوضح ذلك بأنهم يحرصون في تصاميمهم ان تكون النوافذ والشرفات مطلة على فناء السكن حيث يمرح الاطفال، حتى لا يزعجوا الآباء من جهة، وحتى يكونوا تحت مرمى بصرهم من جهة اخرى، بينما يقول مهندسون اوروبيون وشرقيون ان النوافذ والشرفات يجب ان تكون مطلة على حديقة البيت وفنائه معاً ليتمكن الآباء والامهات من مراقبة الاولاد اثناء اللعب متى شاءوا، فمجرد شعور الاولاد بالرقابة يعوّدهم على الالتزام ، والشعور بالأمان. اما من حيث غرف نوم الأطفال فيقول الدكتور برنار: ان قرب غرف الاولاد من غرف آبائهم يوفر فرص الاتصال بينهم للتحدث معهم والاستفسار منهم عما يراودهم من خواطر يستعصي عليهم كشف غموضها، كما ان قرب غرف النوم من غرف الآباء يشكل عنصر ضبط معنوي لسلوك الأبناء، وتتوافر فرص التفاؤل في حسن تنشئتهم وتربيتهم، اما حول التواصل بين الأب والابن، فان الظرف المناسب والمكان المناسب هما اللذان يوفران نجاح هذا التواصل اذ ليس من المعقول ان رجلاً يقود سيارته بسرعة، 60 كم مثلاً وفي ظروف مرور صعبة يستطيع ان يتقن احاديث مجدية للتوجيه التربوي لابنه، بينما اختيار شاطئ البحر او حديقة هادئة توفر التواصل المتبادل الجيد والبنّاء والكافي بين الأب وابنه وتصل رسالة التوجيه الأبوية بكامل وضوحها للإبن.
ويقول علماء الاجتماع: بدون الالتحام مع الكبار بشكل مكثف يستحيل على الصغار ايجاد فرص لتعلم التراحم، ومبادئ الاخلاق وفهم معنى الكفاح والمعاناة، والتدرب على فن التعامل والتواصل واكتساب الآداب العامة, وان ضعف التلاحم بين الآباء والأبناء هو السبب الرئيسي في تردي الخبرات الانسانية، وضعف العلاقات الانسانية والوجدانية في محيط الجيل الناشئ.
والخلاصة: ان على الآباء تكثيف التواصل مع الأبناء، وان يختاروا الزمن والمكان المناسبين لهذا التواصل بحيث يكون ايجابي ثنائي الفائدة بين المتواصلين.. الابن والأب على حد سواء.. بهذا تستقيم العلاقة من حيث البنوة والابوة بين الطرفين.