الاتحــــــــــاد بالله

ان الطفل الرضيع عندما يقوم من نومه يبكي ان لم يجد امه بجواره ويحاول الوصول اليها .

وهو علي اشد ما يكون من الصراخ والعويل وامه تشفق عليه لدي سماع صوته وتسرع اليه وتكفكف دموعه وتأخذه بيدها وتحتضنه الي صدرها .

فكن انت كطفل صغير لا تستريح لن لم يكن الله معك وتكون انت معه وان لم تقدر ان تصل اليه فاصرخ كالطفل باكيآ بدموع غزيرة وحينئذ يشفق عليك ويرق لحالك اكثر مما تفعل الام .

ويقبل اليك ليحملك علي ذراعي الرحمة ويظللك بجناحي النعمة ويقتبلك في حضنه الحنون ويغذيك بالغذاء السماوي ويوحدك في كل شئ .

كلما ثبت في الله حصلت علي شرف النسبة اليه . وعلي قدر ازديادك في النعمة والقداسة يكون ازديادك في الشبه به .

النفس المتصلة بالله تتحد فيه روحآ وعقلا وارادة وفكرآ وتصورآ وتكون معه في كل شئ .

لا تبحث او تفكر الا فيه . ولا تتصور سواه . ولا تريد غير ما يريده . وهي وان كانت بجسدها عائشة تسعي علي الارض الا انها بروحها وعقلها وفكرها في السماء . واقفة امام عرش النعمة وكرسي الرحمة الالهية .

وهي تسير علي الارض مطمئنة سعيدة لانها تعلم وارثة مجدآ يفوق العقول وتثق بانها ميراث الرب وان الرب ميراثها .


من شاء ان يتحد بالله فليحبه فوق كل شيئ ويقف قلبه عليه ويفضله علي الوالدين والاولاد والاخوة والزوجة والاقارب والاصدقاء .


الطير لا يستطيع الطيران والارتفاع في الجو بغير جناح . وانت بطبيعتك البشرية لا تقوي علي الصعود الي الملأ الاعلي ما لم تتحد بالطبيعة الالهية اتحادآ حقيقيآ . فان الطبيعة البشرية خاطئة أثيمة . وهي وحدها دنسة ذليلة . عاجزة عن كل شيئ ولكنها ان اتحدت بالله تطهر وترتفع فوق ذاتها . وتصير مقدسة غير خاضعة للآلام والعوارض الدنيئة . كلما ازدادت شوقآ الي الله وصوبت كل قواها لطلبه اذدادت ميلا اليها وقربآ منها حتي يتحد بها ويسكن اليها .

لانه ناظر اليها . معاين رغباتها . مطلع علي ميولها . فاطلب من كل نفسك ومن كل قلبك
ومن كل قوتك تجده حاضرآ لديك . وحينئذ ينكشف الستار المسدل علي عقلك وتري الرب
جهرة وتتمتع بمرآي جماله وتشبع من حلاوة سلوانه ويعطيك الغلبة علي اعدائك وينقذك من ايدي مطارديك ويحميك من الشرور المحيطة بك ويكون لك كل شيئ . فيكون لك طريقآ وبابآ وحياة ونعيمآ واكليلآ ومأوي ومنارة وسلاحآ وحكمة وبرآ وسلامآ .