المسيح الهنا الحنون وهو في عمق الآلام على الصليب كان منشغلا" بغيره
لا بنفسه/ لم يذكر آلامه ولا تعبه ولا جراحاته / لم يأبه لآلام السياط على
ظهره ، ولا بارتكاز المسامير في يديه وقدميه، ولا بوخز الشوك في جبينه
ورأسه" ولا بجسده المرضض المنهك"، وانما ترك كل ذلك جانبا" وكان كل ما
يشغله هو محبته للبشر ، وأول ما فكر / فكر في انقاذ صاليبه وكارهيه، وهكذا
كانت اول كلمة قالها على الصليب" يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لايدرون ماذا
يفعلون" لوقا 23 : 24 "
وقد
اهتم الرب بأعدائه اولا" قبل أحبائه، وقبل نفسه....فغفر اولا" لصاليبيه ،
ثم غفر للص الذي عيره أولا" وآمن أخيرا" ...ثم أبدى اهتمامه بأمه ، وبعد
ذلك تكلم عن نفسه " يا أبتاه ..اغفر لهم "" قالها وهو في عمق المعاناة
الجسماني ، كان حقا" في عمق المعاناة من هؤلاء الذين يطلب لهم الغفران،
ولكن محبته لهم كانت اكثر من عداوتهم التي لا توصف من عمق بشاعتها، ومع
ذلك لم يطلب لهم الغفران فقط ، وانما أيضا" التمس لهم عذرا" ...هؤلاء
الذين كانوا لا يجسرون أن يفكروا في عذر لأنفسهم والذين صاحوا في جرأة "
دمه علينا وعلى أولادنا " ( متى 27 : 15 )... هؤلاء استطاع المصلوب
المجروح منهم أن يوجد لهم عذرا" فقال " لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون "[/col
or]
ما اعجب الرب في محبته " انه لم يصب
عليهم اللعنات ولم يطلب النقمة منهم بل أيضا" لم يصمت ويأخذ منهم موقفا"
سلبيا" ..وانما كان حبه ايجابيا" من ناحيتهم ، فطلب لهم المغفرة وقدم عنهم
عذرا" مدافعا" عنهم أمام الآب السماوي ..معلنا" أن خطيئتهم هي مجرد خطية
جهل/ اننا نحن البشر نقول...ان فعلتهم هي مجموعة من الخطايا البشعة ..انها
خطايا حسد ، وغيرة ، وكراهية ، ودس ووقيعة من الرؤساء الدينيين وخطايا
اندفاع ونكران جميل من الشعب الجاحد...وخطايا قسوة واستهزاء وشتائم
واعتداء واهانة من الجند ، وخدام الكهنة وخطايا جبن وظلم ولا مبالاة من
بيلاطس...وفوق كل ذلك هي خطية قتل وتعذيب وكذب وتلفيق في المحاكمة....اما
المصلوب الحنون الطيب فلم يذكر سوى انها خطية جهل" لأنهم لايدرون ماذا
يقعلون" .....ما اعظم طيبة قلبك يا..أيها المصلوب " ان اعماق هذه الطيبة
هي فوق ادراكنا .
ان السيد المسيح في غفرانه لصاليبيه
قد قدم مثالا" عمليا" لتنفيذ وصاياه لقد قال من قبل " أحبوا أعداءكم
...أحسنوا الى مبغضيكم...وصلوا لأجل الذين يسيئون اليكم "...وهاهو ذا ينفذ
بنفسه ماسبق ان اوصى به الناس ، ان الرب لا يعطي وصايا للأخرين دون ان
ينفذها بنفسه / لقد نفذ هذه الوصية " محبة الأعداء " ونفذها في عمق ...وفي
مثالية عجيبة / فغفر لصاليبيه ومضطهديه ، وللمسيئين اليه.
وانت يا من تقرأ سطور هذه الكلمات /
ماهو موقفك من هذه الآية : " يا أبتاه أغفر لهم " يا ليتك عندما تسمع
العبارة في يوم الجمعة العظيمة ، وعندما تتذكرها في أي وقت تقول في صدق:
"وأنا أيضا" يا رب ، سأفعل مثلك ، كل الذين أبغضوني وأغضبوني ، كل الذين
أتعبوني واضطهدونين، كل الذين ضايقوني وأساءوا الي....اغفر لهم..لأنهم لا
يدرون ماذا يفعلون/ وهكذا أخي / أختي / تشترك مع المسيح في عمله وفي حبه .
ماذا تستفيد انت ان كان المسيح قد غفر لأعدائه ..وأنت لم تغفر؟؟؟؟
ماذا تستفيد ان كان المسيح قد أحب أعدائه..بينما انت لا تحب أعداءك ولا تسامحهم؟؟؟؟؟
ماذا تستفيد؟؟؟؟؟ اذن فانت لم تشترك مع المسيح في عمله ولم تسلك في صفاته
... دعونا نعلم جميعا" ان المسيح قد غفر لنا ...لكي نغفر نحن أيضا"
لغيرنا، ونتمتع ببركة المغفرة التي تأتي الينا والتي تصدر منا.
آمين ....الرب يبارككم