طيارة ورق لا تعرف الخرائط R2
للتسجيل بالمنتدي بالتسجيل
طيارة ورق لا تعرف الخرائط R2
للتسجيل بالمنتدي بالتسجيل
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 طيارة ورق لا تعرف الخرائط

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
AvaMakar
نائب المدير
نائب المدير
AvaMakar


ذكر
السرطان النمر
عدد الرسائل : 4726
الكنيسة : القديس أنبا مقار
العمل : Administration
الشفيع : القديس أنبا مقار
تاريخ التسجيل : 05/01/2010
نقاط : 14003
التقييم : 1

طيارة ورق لا تعرف الخرائط Empty
مُساهمةموضوع: طيارة ورق لا تعرف الخرائط   طيارة ورق لا تعرف الخرائط Emptyالثلاثاء 08 نوفمبر 2011, 4:00 pm

طيارة ورق لا تعرف الخرائط



طيارة ورق لا تعرف الخرائط 208



منذ اكتشفتُ أننى أُفضّلُ الطائرةَ الورقية عن الطائرة المعدنية، وأحب النسرَ أكثر من القطار، وأرى الشجرَ الدغلى الأشعثَ أجملَ من أشجار الميادين المشذّبة المنمقة، ومنذ اكتشفتُ أن شَعر المرأة الغجرىَّ الأجعدَ أكثرُ فتنةً منه حين تعبثُ به أصابعُ مصفّف يعقصُه فى شينيون أنيق ينتمى إلى عصر الباروك ولا ينتمى لعصرنا، وأن قميصًا من الكتّان المكرمش أجملُ فى عينى من فستان حريرى بكرانيش وأذيالٍ ودانتيلا من العصر الفيكتورى، ومنذ ارتقى وعى لأفهم أن نعيقَ الغراب ونقيق الضفدع وهزيم الرياح لا يخلو من جمال كزقزقة العصفور وخرير الماء وحفيف الشجر، اكتشفتُ أن مفهومنا القارَّ المطمئن عن الجمال قاصرٌ وضيّقٌ وساذج، وبحاجة إلى مراجعة. للجمال منابعُ ودروبٌ شتى لا تخطر ببالنا، فقط لأن أسلافنا منذ الأزل قد سكّنوها فى خانة القبيح، وفقًا لمنظومة ثنائية بالية تقسّم العالم إلى: أبيض، أسود- جميل، قبيح، حلوٌّ، مرّ... إلخ، غافلين أن بين الأبيض والأسود ملايين الألوان والدرجات والنغم، «الطيارة الورق» بكل جنونها وفوضاها حين تطير دون قانون سوى مشاكستها الراقصة لتيارات الهواء، بذيلها الذى من قصاصات كراساتنا الملونة، وعُصياتها الخشبية النحيلة التى نجمعها عصا عصا ونحصيها كما تحصى عجوزٌ بخيلةُ حُليَّها، بحبلها الطويل الذى يصبو إلى الله فى عليائه، كل هذه الفتنة، فى مقابل الطائرة المعدنية الثقيلة التى تحمل جالوناتِ نفط ومؤنًا وحقائبَ وأوزارًا وصراخَ أطفال وتململاتِ نساء وضجرَ رجال، لتمشى فى خطوط جوية مبرمجة محسوبة سلفًا بالدقيقة والثانية، والنسر الذى يجوب السماء، يتماوج جناحاه فى أناقة ويلوى عنقه النحيلَ لينظر بكبرياء من علٍ بعينه الحادة الجميلة، ثم يهبط فجأة ليقتنص فريسته فيصعد بها إلى حيث مكمنه فى جوف جبل، فى مقابل القطار البليد الذى مأسورٌ بقضيبين مرسومين فوق خارطة المدينة، لا يحيد عنهما إلا حينما يعنّ له أن يصنع كارثةً لكى تنشر الصحفُ صورتَه فى الغد وسط نهر من دماء المغدورين الذين راحوا ضحية شطط قطار قرر أن يمارس بعض الجنون ويتحرر من قضبانه. حينما برحتْ رأسى، إلى غير رجعة، كل تلك «الأناقات» القديمة الرصينةُ القارّةُ المطمئنة إلى ثوابتِها، لتحلَّ محلَّها هذه الفوضى والجنون والحياة، عرفتُ وقتها أننى بصدد البحث عن طريقة جديدة لكتابة القصيدة، قصيدة لا تمشى على عكّازين، مثل شطرى الخليل، ولا تحجلُ كما بيدقٍ فوق مربعات شطرنج، كما تفعيلاته، بل قصيدة أكثر حريّة وجموحًا وجنونًا وحياة.
الطريفُ أن محاضرةً فى العمارة كانت السبب وراء بحثى عن أسلوب جديد للقصيدة، دخل الأستاذ يومًا ليقول لنا: يا أبناء الفرقة الثالثة / عمارة، كل ما علمناكم إياه فى السنوات الماضية من جماليات السيمترية، التماثل، والاتزان التكوينى والتناغم بين الكتلة والفراغ والمونو-تونية والهارمونية والإيقاع البصرى ونقاء الطراز (إذ لا يجوز الجمع بين القوطى والكورنثى، أو الفرعونى والإسلامىّ مثلا فى بناية واحدة) إلى آخر المنظومة الجمالية التى تعلمتموها على أيدينا، كل ذلك just cast away ، يعنى ألقوا بها من النافذة وانسوها! فما علمناكم إياها إلا تمهيدًا لمحوها من رؤوسكم اليوم. علمناكم القانونَ لكى تكسروا القانون، دربناكم على النظام لكى تفجروا النظام، علمناكم القاعدةَ لكى نقول لكم اليوم أن لا قاعدةَ للفن والجمال، ثم راح يشرح لنا الخطاب ما بعد الحداثى من جماليات التنافر وإستاطيقا القبح والتشظى واللا مركزية وهدم الإيقاع وكسر السلطة ونبذ الثنائيات ونقاء النوع والواحدية انحيازًا للتجاور والتعدد.
هنا تبدّلت رؤيتى الجمالية، وبدأت رحلتى من الإيمان للشك فى الثوابت الجمالية والشعرية لا سيما عمود الخليل الذى رسخ 1500 عام كأنما هو الأبد! كذلك رؤيتى المضمونيةُ بدأت تضجر من المجازات المهترئة التى حشوا بها رؤوسنا فيما يشرحون المنجز الشعرى العربى.. جميلة تلك الجماليات؟ نعم، بالطبع. لكن جمالها استُنفد مع الزمن. مثلما لا ننكر جمال نساء الباروك بفساتينهن المزركشة صارخة الألوان، لكن الجينز الباهت يناسب أكثر حياتنا المشحونة بالتعب. لم يعد يُغرى الشاعرَ استلهامُ القمر والشمس والنجوم. فالقمرُ كاذبٌ يعكس ضوًءا ليس له. والشمسُ غيرُ عادلةٍ تُلهب مناطقَ بقيظها، وتضنُّ بشعاع دفء واحد على بقاع أخرى. والنجومُ التى استلهمناها فى قصائدنا غيرُ موجودة بل برحت مواقعَها منذ زمن أو انفجرت، وما نراه ليس إلا صورتها القديمة! كيف نكتب عن كل هذه الأكاذيب بينما أمامنا الإسكافى والشحاذ وعبيطة القرية؟ المتعبون والمهمشون والمأزومون؟ لم يعد الفارسُ مُلهِمًا لأن الفرسانَ والزعماء خربوا حياتنا. ويئس الشاعرُ من إصلاح العالم، فهبط من عليائه فوق الأوليمب وحطَّ رحاله على الأرض ليعلن أن العالمَ جميلٌ هكذا بكل فوضاه وعبثيته، وأن لا إجابات لديه على أسئلة الناس، بل لديه مزيدٌ من السؤال.

طيارة ورق لا تعرف الخرائط Logoeidad7a2011
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
طيارة ورق لا تعرف الخرائط
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تعرف ايه عن عيد الغطاس ؟
» تعرف على انواع من التقبيل
» موضوع: .......!!!!تحب تعرف نفسك!!!!.......
» سجل اسمك عشان تعرف انت ايه
» تعرف على الفرق بين 64bit و 32bit

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات المسيحية :: الاخبار المسيحية والعامة-
انتقل الى: