"والمصحف الشريف أنا نصرانية"
ولأن جموع السلفيين لا ينتمون لوطن ولا أية دين - فقد أصبح المشهد كله متقيحا بل ومخزيا ،مابين فكي الفتاوى الفاضحة والجهود المضنية من قبل التيار السلفي الهائج في إحياء علوم الخرافة وصلاحية تصاعد تخريب الوطن اضطهاد أقباطه بأبشع ما يكون ومابين تصريحات لمسئولين ورجال دين (لا أقصد سلفيين بالطبع ) يفترض بهم أدنى حدود المسؤولية وتهذب الحديث للحد من استشراء الفوضى الصاخبة .
الحكومات الفاسدة التي تتسم سياستها بالغبن تكون فيها سياسة الزج هي المرادف الملائم لإلهاء الشعوب عن لهو رموز الفساد والسلطة الباطشة ،قبلا زُّج بشباب الوطن في مهلك الإدمان ،ثم أُدلف به إلي معترك الهوس الكروي والفن الرخيص - وكلما تأزم الشارع المصري فقرا وتهميشا توحل بالأكثر في اختراعات قذرة من قبل حكومته ليسقط مؤخرا مضرجا في نزيف لا يهدأ من الفتن الطائفية مستغلا متسع الجهل المباح مُرَسخا لإلغاء نهج الفكر والثقافة والفنون والعلوم- مرَغبا في مكافآت الهوس الديني كسياسة لتغيب العقل ، ثم يهطل علينا بمصطلحات أكثر سذاجة كالوحدة الوطنية وما شابه ، فإذ بنا نخرج أكثر تعثرا وارتطاما وانشقاقا وبغضة وعداء ، بينما في حقيقة الأمر لا يعني رجل الشارع البسيط أن يعرف معتقد من يزاحمه طابور العيش أو طابور استخراج بطاقات التموين أو التكالب بانحناء في مواصلات لا تصلح للنقل الآدمي -ولا يسأل عن دين من يلجأ طارقا بابه طلبا لنجدته ،أو من يرافق أولاده في رحلة التعليم التعسة أو من يقاسمه الفقر على الموائد المبللة بالهزيمة ،لا يهتم بشأن عبادة رفيق العمر أو من يسرع يشاركه في إتمام كافة مراسم المناسبات والمجاملات الاجتماعية المتنوعة-لا تشغله الفتاوى الغزيرة والخاوية من اسمي جماليات الروح والكرامة ورقي التفكير ، لم تعد تشغله محاكمات النظام ولا البرامج الحزبية ولا انتخابات الرئاسة ولا تجديه أن يعرف معنى الديمقراطية أو العلمانية أو إسلامية، فتوالى الركلات بأحلامه أودت به إلى سابق عزلته ليصبح كل ما يؤرق مضجعة مجددا هو لقمة عيشه وأمن أسرته ، فلتذهب إذا الحكومات إلى الجحيم ولينحدر الزعماء إلى الهاوية وليسقط رجال الدين إلى أسافل الأرض وليـُلعن اله يبوق كل نهار بالبغضة أعلى منابر العنف والدماء المنحدرة .
تحضرني بقوة " نوسة " بائعه الفاكهة بجوار الحي الذي اقطنه، والتي بفطرتها المصرية ترفض وتتحدى هذا التمييز والتمزق بين أفراد الشعب الواحد فتعلن على الملأ بصوتها العالي "والمصحف الشريف أنا نصرانية" إذ في جملة واحدة حالت زيف الانشقاق إلى حقيقة الربطة المُحكمة ،مزجت التاريخ كله في كلمة واحدة "الإنسان " لتصفع بها رؤساء الكذب ووقاحة مجرمي حروب الدين لتؤكد بعفويتها الصادقة صلابة شعب النيل بلحمته النظيفة -غير القابلة للانقسام حتى مع اشد التيارات قسوة ومرارة .
تحكي أمي عن طبيعة قريتها النائية بالصعيد وهو أيضا حال الكثير من القرى المصرية الجميلة - إذ يسير دفق الحياة بتلقاء ذاته صافيا ،نقيا –فتصوم القرية كلها شهر رمضان وصوم العذراء تباعا ، ومتى توافق الصومان معا يفطرون جميعهم مع آذان المغرب طعاما نباتيا متقشفا استكمالا لصوم العذراء ويكفوا مع آذان السحور وهكذا طوال الشهر الكريم ،هو عرف صاف صادق -هذا ما تعلمناه نبيلا ومتجذرا ، نشأناه سلوكا متحضرا - ونعلمه تباعا لجيل أبنائنا من أدب العلاقات وجمال شركة الحياة الواحدة ، تلك العلاقات التي تجتهد الآن كل سلالات بنات آوى والضباع الكريهة لدهسها تحت أنياب الجهل والتكفير والتعدي وكل قبيح وتحويلها إلي جيفة كي يأنف منها كل عابر بسيط لا يدرك حقيقية وضاعة خبثاء هذا العصر.
*بات سؤال ،هل كل هذا التراخي من قبل حكومتنا ومجلسنا العسكري هو نتاج خوف من بطش سلفي أعمى اثر تورط فادح مع فساد النظام السابق ..؟أم هو انتقام من شعب 25 يناير لصالح ذاك النظام البائد بمعنى لتترك لكم خرابا..! ، أم بهدف القضاء على الأقباط لمجرد اختلاف الدين ..؟ أم ،أم وهذا الأرجح بسبب قناعة تامة بهم فكرا وسلوكا وهدفا ..! إذا نحن بصدد حكومة سلفية 100% - مرحبا – سنعرف إذا معنى أن يكون النهار ازرقا يدفع بسقوط الدولة دفعة واحدة .
.كلمتي الأخيرة ومع استمراء الصمت في مرحلة راهنة شديدة الخطورة - سيزداد الأمر سوءا وستتقاتل كل الفرق المختلفة وحتى المتوافقة ، ورغم ذلك لن تكون أيضا دينية، لكن الثمن فادح .. فادح.. لذا الثورة لم تقم بعد.. ترى هل ارتق في رقعة متهالكة ..!
لم ينته الكلام بعد..!