AvaMakar نائب المدير
عدد الرسائل : 4726 الكنيسة : القديس أنبا مقار العمل : Administration الشفيع : القديس أنبا مقار تاريخ التسجيل : 05/01/2010 نقاط : 14003 التقييم : 1
| موضوع: القضية القبطية.. وظاهرة أسمها القمص مرقس عزيز خليل (2) السبت 01 يناير 2011, 8:48 am | |
| القضية القبطية.. وظاهرة أسمها القمص مرقس عزيز خليل (2)
بقلم
شريف رمزى المُحامى
فى الحلقة الأولى من هذه السلسلة وضعت أمام ناظريك
-عزيزى القارىء- نبذة بسيطة مما لاقاه وما يُمكن أن يتعرض له رجل مثل القمص مرقس عزيز، وقف بكل ما أوتى من قوة ورباطة جأش ضِد محاولات الأسلمة التى طغت على كل مناحى الحياة داخل المجتمع المصرى ولم تُفرق بين مؤسسات أو أفراد، وسُمع صوته مُدوياً فى كل أرجاء المسكونة مُدافعاً عن الحق الكتابى فى مواجهة المُشككين من أمثال زغلول النجار والمُحرضين من أمثال محمد عمارة والمُتطاولين على عقيدتنا ومسيحنا مثل أبو إسلام، فى وقت صمتت فيه آلسنة كثيرة وتوارت شخصيات كان الأولى بها أن تكون أول من يَزود عن الدين والعقيدة.. لكن المعارك التى خاضها الرجل مُدافعاً عن الهَوية ومُقاوماً لتيار الشر الذى استشرى فى جسد الوطن جلبت عليه الكثير من الشقاء الذى لم يتوقف عند حد خروجه من مصر بلا أمل فى عودته قريباً إليها، وتخليه كَرهاً عن شعبه وكنيسته، حاملاً أمانته إلى بلاد المهجر ليبدأ مرحلة جديدة من النِضال المُقترن بالآلم ..
لقد عانى أبينا القمص مرقس الآمرين نتيجة لصوته العالى ونبرته الشُجاعة فى مواجهة مسئولين كِبار فى الدولة، ثم من التيار المُتأسلم الذى استحوذ على الآلة الإعلامية بعد أن تمكن من اختراق مؤسسات الدولة وفى مقدمتها المؤسسة التعليمية، وكانت المُحصِلة أن هَيمن ذلك التيار على نفوس العامة والبُسطاء حتى امتلكوا الشارع عن بكرة أبيه فبات يُعرف بـ
"الشارع الإسلامى"!! وبرغم العَداوة التقليدية التى نعرف أنها تَسود العلاقة بين النظام الحاكم فى مصر وبين ذلك التيار المُتأسلم، إلا أن ثمة أمر واحد إتفقا عليه وتباروا معاً فيمن يتفوق على الأخر فيه، آلا وهو "إضطهاد الأقباط"
وفى المقابل وقف الغالبية العُظمى من الشعب القبطى موقف العاجز يتباكون فيما بينهم، يتلقون الضربة تلو الأخرى فى سلبية كالنعام، تحت زعم
"خاطىء جداً" وتفسير مبتور لآيات الوحى الإلهى التى تقول "من لطمك على خدك الأيمن حول له الآخر أيضاً" (مت 5: 39)، ضاربين عرض الحائط بآيات ومواقف كتابية عديدة تُظهر أن المقصود هو الانتباه والمواجهة، فالضرب على الخد الأيمن يعنى أن اللطمة جاءت من الخلف، وبخسة.. فالدعوة إذن صريحة لا يمكن الإلتفاف عليها أن "انتبه" و "واجه"، تماماً كما فعل سيدك، الذى رغم وداعته ورغبته فى تقديم ذاته فِدية عن الجميع، إلتفت بشجاعة إلى ضاربه وقال له "لماذا تضربنى" (يوحنا 18: 23)..
فالوجدان القبطى قد تشكل عبر السنين واستقر على مفهوم أن الرضوخ للظُلم هو نوع من الاستسلام للإرادة الإلهية، وهنا تكمُن المشكلة، لأننا
-وبدون وعى مِنا أو إدراك- أوقعنا أنفسنا فى مستنقع السلبية، وأصبحت كل مُشكلة تواجهنا نتعامل معها بمنتهى الخنوع والضعف والتراخى!!، حتى أننا استكثرنا على أنفسنا مواجهة العُنف والتصدى له، وارتضينا لأنفسنا أن نلعب دور "المُتفرِج"، بينما حق الدِفاع عن النفس هو حق مشروع من حقوق الإنسان تكفله كل الاعراف والمواثيق، وفى الوقت نفسه لا يتعارض مع تعاليم الدين!!
غير أن البعض مِنا لا يكتفى فقط بـ "الفُرجة"، فيبحث عن دور إيجابى للأخرين فيما هو نفسه غارق فى السلبية من رأسه حتى أُخمس قدميه!!، ويصيح مُتعجباً: "هو البابا ساكت ليه؟.. أومال فين الأساقفة؟.. الكهنة دورهم أيه؟"!!.. عجيب جداً.. لكن الأعجب حقاً أن يظهر بيننا من هو مثل أبينا القمص مرقس، شاهداً للحق الكتابى وصوتاً صارخاً فى برية الصمت المقيت الذى سيطر على الكبير قبل الصغير، فنقول له : "مالكشى دعوة بالسياسة.. خليك فى كنيستك علم شعبك الطقس والعقيدة"..!!! ياللعجب .. هل يُعد دِفاع الأب عنأولاده فى مواجهة آلة القتل والتخريب التى تُحركها أصابع التطرُف والإرهاب "سياسة"؟!.. هل يُعد سعى الراعى لاقتناص الفريسة من بين أسنان الذئاب الخاطفة "سياسة"؟!.. هل كانت صيحة "المعمدان" فى وجه هيرودس الطاغية قائلاً: "لا يحق لك" "سياسة"؟!
و "بولس" حين وقف أمام أغريباس الملك "يَحتج" و"يُدافع" لأجل نفسه، هل كان يَخلط ما بين "الدين" و"السياسة"؟! ما أخشاه -عزيزى القارىء- أن تتعالى الأصوات المُطالبة بعزل رجال الدين "من أمثال القمص مرقس عزيز" -وهم مَعدودون على أصابع اليد الواحدة- عن العمل الحقوقى تحت زَعم أن رجُل الدين مكانه المنبر داخل الكنيسة للوعظ والتعليم، مع إيمانى الراسخ بأن أهم ما نحتاج أن نتعلمه من كهنتنا هو "كيف تعيش بكرامة كمواطن يتمتع بكل حقوق المواطنة" و"كيف تُدافع عن نفسك ومالك وعرضك ضِد أى مُعتدى" تماشياً مع قول الوحى الإلهى "أغضبوا ولا تخطئوا" (أف 4 :26)".. تماماً كما تعلمنا من القمص مرقس عزيز... | |
|