عدد الرسائل : 4726 الكنيسة : القديس أنبا مقار العمل : Administration الشفيع : القديس أنبا مقار تاريخ التسجيل : 05/01/2010 نقاط : 14003 التقييم : 1
موضوع: موقع ارهابى البابا واعتكافاته الأحد 26 ديسمبر 2010, 5:52 pm
موقع ارهابى البابا واعتكافاته
شريف عبد العزيز الأساس الذي يقوم عليه أي مجتمع من المجتمعات الآمنة المستقرة هو أساس العدل والمساواة بين أفراد هذا المجتمع، بحيث يشعر الجميع بالانتماء الحقيقي لهذا المجتمع، من ثم يعمل علي رقيه وتقدمه وسلامته، ويبذل كل ما في وسعه من أجل الحفاظ علي خيراته ومقومات نجاحه، وهذا العدل وهذه المساواة نصت عليها كافة الشرائع السماوية والدساتير الوضعية، ولشيخ الإسلام ابن تيمية مقولة شهيرة حفظها لنا التاريخ في هذا المعني، وهي مقولته :"إن الله عز وجل يقيم الدولة العادلة ولو كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة"، ولكن ما معنى العدل والمساواة الذي يقوم عليه أي مجتمع من المجتمعات المستقرة القوية؟
كثير من الناس يفهمون العدل والمساواة بصورة مغلوطة تتنافى حتى مع معنى العدل والمساواة عند الغرب، يفسرون العدل والمساواة بمعنى أقرب ما يكون للشيوعية والاشتراكية، بحيث يكون الناس سواء في كل شيء، وأي شيء، وهذا فهم خاطئ وخطير في نفس الوقت قاد البشرية لكثير الويلات والمجازر باسم العدل والمساواة، في فرنسا وفي الاتحاد السوفيتي وفي أمريكا الجنوبية.
العدل والمساواة تعني أن يعطي كل ذي حق حقه، وعلي قدر حجمه ووضعه ومكانته، مثلاً هل من العقل والعرف والدين أن يعطي الطفل الصغير نفس القدر من الطعام والشراب الذي يأخذه الرجل الكبير؟، وقد انتبه القدماء لهذا فقالوا في مثلهم السائر "طعام الكبار سم الصغار" لأن الطفل الذي سيأكل نفس القدر الذي يأكله الكبير لهلك، وهل يلبس الصغير نفس مقاسات الكبير من الملابس والأحذية؟.
أساس العدل هو التسوية بين المتماثلين والتفرقة بين المختلفين، وعندما يستقر هذا المفهوم في الجماعة الوطنية المكونة لأفراد المجتمع، سيعرف الجميع أن عليه واجبات عليه أداؤها وله حقوق يطالب بها، فيؤدون ما عليهم من واجبات دون الإخلال بها، ويأخذون حقهم دون المطالبة بالزيادة عليها، وإذا اختل هذا المفهوم، وانقلب الحال، فأصبح بعض أفراد المجتمع لا يؤدون ما عليهم من حقوق والتزامات، ويطالبون بأكثر من حقوقهم، فهذه مشكلة قد تصل لحد العصيان والتمرد، وعلي باقي أفراد الجماعة الوطنية مقاومتها ووقفها والأخذ على يد هؤلاء المتمردين والرافضين لمنظومة الواجبات والحقوق، وإذا تهاونت الجماعة الوطنية في معالجة هذه المشكلة الخطيرة فإنها بذلك تعرض أمنها واستقرارها للمخاطر الكثيرة، لأن عدوى الرفض والتمرد ستنتقل لباقي أفراد المجتمع، بالتالي سنتفتح الباب على مصراعيه للفتن والصراعات الداخلية.
وعلى هذا الأساس المتين لابد أن تتحدد العلاقة بين الجماعات العرقية والقومية والدينية المكونة لهذا المجتمع، ويراعي فيه إعطاء كل جماعة الحق والتمثيل المناسب لها، وهو ما تعارف عليه علماء الاجتماع بالعلاقة بين الأغلبية والأقلية، فالأغلبية لابد أن تراعي حقوق الأقليات ورغباتهم التي تتماشى مع كيانهم وحجمهم الحقيقي في منظومة المجتمع، وتكلفهم من الواجبات والالتزامات مع يتناسب مع هذا الحجم وهذه المكانة، والأقلية لابد من أن تحترم حجم الأغلبية ودينها وعقائدها وحاجاتها التي تتماشي مع كونها الأغلبية، كما يجب عليها مراعاة نقاط التماس بين الجانبين، بحيث لا يبقي هناك مساحات من الغموض بين الجانبين يتسلل خلالها أعداء المجتمعات الآمنة المستقرة من الراغبين في إيقاد نيران الفتنة والحروب بين الناس.
هذا الأمر الذي ذكرناه مسألة إجماع متفق عليها بين الأمم المعاصرة والحديثة، فما من دولة وإلا وتختار قيادتها من الأغلبية الدينية والقومية، وهذا حق لا يماري فيه أحد، وخيار طبيعي فرضته كثافة الأغلبية، ومعظم الدول الأوروبية تشترط النصرانية كدين لمن يتولي الرئاسة فيها، ولا أحد يتهمها بالطائفية أو اضطهاد للأقلية.
المشكلة القبطية المزمنة
لو بحثنا في لب المشكلة القبطية المزمنة في مصر والتي تأخذ أبعاداً جديدة كل يوم بسبب السياسات التصعيدية المستفزة من جانب رأس الكنيسة المصرية، لو بحثنا في لب هذا المشكلة لوجدناها ترجع في الأساس إلى عدم فهم الأقلية القبطية لمعني العدل والمساواة، فالأقباط الذين لا تتجاوز نسبتهم في المجتمع في أكثر التقديرات تفاؤلا الـ10% من نسبة المجتمع المصري، تريد من الحقوق والمزايا بنفس القدر والحجم الذي تريده الأغلبية التي تشكل الـ90%، وهذا لاشك ترفضه العقول السليمة والنظم الشرعية والدستورية في أي بلد علي وجه الأرض، هذا لو فرضنا أن الأقباط في مصر والذين يسيطرون علي 40% من الثروة القومية، لا يحصلون علي حقوقهم ويعانون من الحرمان في كثير من أبواب الخدمات.
ودائماً الأقباط يرفعون لافتة بناء الكنائس والشروط الصعبة علي حد وصفهم، كأبرز علامة على الاضطهاد والمعاناة من المجتمع المصري نظاماً وشعباً، في حين أن الأرقام والإحصائيات تثبت عكس ذلك تماماً، ففي أحدث الدراسات المعنية بالتعداد والإحصاء، أعطت رقماً محدداً عن عدد الكنائس وقالت: إنها 2069 كنيسة، المثير أن الدراسة كشفت أن أسيوط تأتى في المرتبة الأولى من حيث عدد الكنائس بـ 426 كنيسة، تليها المنيا التي تمتلك 406 ثم سوهاج بـ 272 وتأتى القاهرة في المرتبة الرابعة بـ 183 كنيسة، تليها الإسكندرية بـ 87 كنيسة، ثم قنا التي تحوى أرضها 85 كنيسة ثم بني سويف 77 والجيزة 74 في حين يأتي الوادي الجديد في ذيل القائمة بكنيسة واحدة، وتسبقها مرسى مطروح بثلاث كنائس، وقبلها شمال سيناء بثلاث كنائس وجنوب سيناء بـ 5 كنائس والبحر الأحمر بزيادة واحدة عما قبلها، في حين تأتى القليوبية على رأس محافظات الوجه البحري من حيث عدد الكنائس والتي تصل إلى 65 ثم المنوفية 55 فالغربية 53 ثم الشرقية 43 تليها الدقهلية 41 وبعدها الفيوم 37 والبحيرة وأسوان 35 و31 على التوالي، تعقبهما بورسعيد بـ 23 ثم الأقصر 16 أما الإسماعيلية فتقل كنيسة واحدة عما قبلها ثم كفر الشيخ 11 وتتساوى السويس ودمياط في عدد الكنائس التي تصل إلى 8 كنائس في كل منهما، فمعنى ذلك أنه توجد كنيسة لكل 2900 قبطي، ذلك إذا لم نستبعد الأطفال، وكشفت الدراسة أيضاً أن عدد الكنائس زاد خلال العشر سنوات الأخير 400 كنيسة، بواقع بناء 40 كنيسة كل عام وهو رقم كبير خاصة إذا استمر بنفس المعدل خلال السنوات القادمة، في ظل تناقص أعداد الأقباط المستمر بفعل إسلام قرابة المائة شخص يومياً وفقاً لآخر تصريحات الكنيسة القبطية، وبفعل الهجرة للخارج والتي تتم بكل سهولة ويسر من جانب الدول الأوروبية والأمريكية.
وبنظرة أخرى لحجم هذه الكنائس ومساحتها الضخمة وجدرانها الخرسانية التي تشبه القلاع الحصينة في عهد الحروب الصليبية في العصور الوسطي، سنجد أرقاماً مفاجئة تقضي تماماً علي أكذوبة الحاجة لبناء مزيد من الكنائس، ولنضرب مثلاً بدير أبو فانا الذي ثارت بسببه خلافات كبيرة وصلت لحد وقوف القساوسة والرهبان علي أسواره بالسلاح وإطلاق النيران علي جيرانهم المسلمين، ومقارنة هاذ الدير بغيره من دور العبادة عند المسلمين:
دير أبو فانا: المساحة 600 فدان
مساحة دولة الفاتيكان = 0.44 كم مربع
مساحة المسجد الحرام بمكة = 0.356 كم مربع
مساحة المسجد الأقصى = 0.144 كم مربع
مساحة الأزهر الشريف = 0.012 كم مربع
يتسع المسجد الحرام بمكة لعدد 773000 مصلى ومساحته الإجمالية 356000 متر مربع وعليه يكون نصيب المصلى الواحد من المساحة 0.46 متر مربع.
إذا فرضنا أن المصلي القبطي يحتاج لنفس المساحة التي يحتاجها المسلم (0.46 متر مربع) فإن دير أبو فانا مساحته 600 فدان أي 2520000 متر مربع وبذلك تكفى 547826
شخص لكي يصلوا فيها (حوالي 5.5 مليون مصلى).
هذا العدد يفوق عدد المسيحيين في مصر حسب التقديرات الدولية المحايدة ، لو أخذنا مثلاً آخر لمزيد من التوضيح والمفاجأة:
دير أبو مقار: المساحة = 2700 فدان = 11.34 كم مربع
بنفس الطريقة، فإن مساحة دير أبو مقار 11340000 متر مربع على 0.46 متر مربع للفرد، تكون الطاقة الاستيعابية للدير 24.7 مليون شخص، أي ثلث سكان مصر جميعاً.
ثم إن هذه الأديرة الضخمة تحصل علي تسهيلات ضخمة منها الإعفاء من ضرائب كسب العمل، ضرائب الدخل، ضرائب المبيعات، التفتيش الصحي البيطري، التأمينات الاجتماعية، جميع الرسوم الحكومية.
اعتكافات شنودة
39 سنة في البابوية و7 اعتكافات وقرابة المئة فتنة طائفية بين كبيرة وصغيرة، هذه هي الترجمة الرقمية لمسيرة البابا شنودة، الذي كان أول من ابتدع فكرة الاعتكاف كوسيلة من وسائل الضغط السياسية علي الحكومة المصرية، والعجيب أن شنودة كان يتبع هذه الطريقة قبل توليه المنصب مع البابا الراحل كيرلس السادس، مما أثار كثيراً من الاحتجاجات على سياسة البابا الراحل الذي كان يصر علي إبعاد الكنيسة عن شؤون الحكم والسياسة، ويرفض بشدة أراء تنظيم الجماعة القبطية الإرهابية الذي نشط في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، والذي أعادها أفكارها للحياة وروج لها شنودة بعد توليه المنصب.
الاعتكاف كطقس من طقوس الرهبنة يشبه لحد ما معني الاعتكاف في الإسلام، وهو الانتصار علي شهوات الدنيا وتخليص النفس من آفاتها، والتأمل والتدبر وهكذا، ولكن مع شنودة صارت الاعتكافات ذات نكهة سياسية يراد الضغط علي النظام المصري وإحراجه أمام الرأي العام الدولي، وإظهاره بمظهر المضطهد للأقباط المعادي لهم المصادر لأبسط حقوقهم.
مشكلة الأقباط في الأساس ترجع إلي إصرار البابا شنودة علي أن شعبه - هكذا يطلق عليهم - مضطهد ومصادر الحقوق ومهيض الجانب، وقد أدخل في رؤوس أبناء شعبه هذه المعاني حتى غلبت تلك الفكرة علي عقولهم، وأصبحوا جميعاً يرددونها دون وعي أو تدبر، من ثم أخذت الأحداث تأخذ منحنى العصيان ليس المدني فحسب ولكن البدني أيضاً، وما شهدناه في أحداث العمرانية خير دليل علي ذلك.
ومما ساهم في تضخيم الأثر السياسي والديني لاعتكافات البابا التهديدية في الآونة الأخيرة، التعامل الضعيف من قبل الحكومة المصرية إزاء هذه الطقوس التحريضية، فالنظام في كل مرة يعتكف فيها البابا يجعل من مسألة ترضية البابا وإقناعه بالخروج من معتكفه بدير وادي النطرون من أهم أولوياته، مهما كانت التنازلات المقدمة، ففي الاعتكاف الأخير للبابا أرسلت الحكومة واحد من أهم مسئوليها وهو الدكتور مصطفي الفقي علي رأس وفد رفيع المستوي ضم شخصيات رسمية مسلمة وقبطية من أجل إقناع نيافته بالخروج من الاعتكاف لحضور أولي جلسات مجلس الشعب الجديد، وفي سبيل ذلك تم ترضية البابا تم وعده بالإفراج عن كافة عناصر المليشيا القبطية التي هاجمت مجلس محافظة الجيزة، وبالفعل خرج البابا وحضر الجلسة، ولكنه لما وجد أنه لم يتم الإفراج عن جميع المقبوض عليهم، حيث تم الإبقاء علي جزء منهم، غضب بشدة وعاد لمعتكفه، وأقسم ألا يخرج منه حتى يتم الإفراج عن رعاياه أجمعين دون استثناء، فتم ترتيب لقاء له مع الرئيس المصري نفسه لترضيته.
ولنا أن نقول أن الأمر قد وصل إلي حد الخطر الداهم، فالبابا الآن قد وصل بالكنيسة المصرية لمرحلة متقدمة جداً في الانعزال عن المجتمع المصري، ولا نكون مبالغين إذا قلنا أنها قد أصبحت دولة داخل الدولة الأم، ومجتمع منفرد عن المجتمع الأصلي، دولة لها شعبها وقياداتها ونظمها وقوانينها واقتصادياتها، وأخطر ما في الموضوع أنها قد وصلت لمرحلة بناء الحصون والقلاع وتخزين السلاح، وتكوين المليشيات، وحشد الأتباع وتهيجيهم للدخول في مواجهات مسلحة مع النظام، وهو ما حدث بالفعل في أحداث العمرانية.
قد يتهمنا البعض باستعداء الحكومة المصرية علي الأقباط، وتحريض الشعب المصري علي الأقلية القبطية، ولكن الذي نطلبه من الحكومة والنظام المصري أن يكون علي وعى كامل بحجم التهديدات الأخيرة ومدى جديتها، لا نطلب من الحكومة أن تشتط في معاملة الأقباط أو مصادرة أملاكهم وأموالهم الهائلة الذين جنوها من المجتمع المصري، أو هدم كنائسهم، لا نطلب إلا العدل والمساواة، والتعامل بجدية مع طموحات البابا المدمرة.
وحل هذه المشكلة التي قد تبدو عويصة سهل ومنتهي البساطة، وهو إذا دخل البابا الدير يوماً ما غاضباً ومهدداً، اتركوه ينعم باعتكافه في هدوء، مستريح ومستراح منه.