العوا وبيشوي في مصيدة الجزيرة والمصري اليوم

[b]العوا وبيشوي في مصيدة الجزيرة والمصري اليوم

كتب سليمان شفيق العدد 1604 -
الثلاثاء - 28 سبتمبر 2010

في ستينيات القرن الماضي كتب المفكر د.فؤاد زكريا كتابه الرشيد حول مصر وطنا يحكمه العسكريون، وفي الآونة الاخيرة تذكرت هذا العنوان... وكيف انقلب الأمر خلال خمسين عاما من حكم العسكريين الي تحكم المتهوسين دينيا!!

لم يعد الامر مجرد تدين شكلي زائف.. بل تطورت الامور من التدين الشكلي الي الهوس الديني الذي يعكس شعوذة تكاد تقترب من الهيستريا .. وفي الاسابيع القليلة الماضية شاهدنا آلاف الاقباط يتظاهرون في الكاتدرائية في هوس محموم من أجل زوجة كاهن اساء الزوج معاملتها فهربت من المنزل ، فما كان من أسقف المدينة وتابعه الكاهن سوي الاستقواء بالطائفية هروبا من العار الاجتماعي وزعموا أن الزوجة هربت بايعاز من صديقها المسلم لاشهار اسلامها..

ثم عادت الزوجة فقام الاسقف بالتصريح بأن الكنيسة تقوم «بغسيل المغسول» لمخ الهاربة العائدة.. زمن ثم التقط الخيط الجماعات المتأسلمة المفلسة وعزفت علي لحن الاسقف أغنية «عودة الاخت المسلمة» وخرج الآلاف في تظاهر محموم!! وفي كلا التظاهرتين.. لم يكن يهم المتظاهرون الانسانة الزوجة التي ظلمت من زوجها الكاهن ومن تدليس المتظاهرين علي الجانبين الذين لا يهمهم لا الاسلام ولا المسيحية بقدر ما يعنيهم تسخين الاجواء لاشعال الحريق!!

بعد ذلك قامت صحفية «المصري اليوم» بنصب كمين للانبا بيشوي مستغلة «شهوة» الاعلام المسكون بها الرجل واستدرجته لكي يمارس ما عاهدناه منه حيث اطلق لسانه علي الجميع من انجيليين ومسلمين دون مراعاة لمكانته الدينية او لمسئولياته الكنسية.. فما كان من قناة الجزيرة بكل حقدها علي مصر والمصريين بأحد المذيعين المصريين قريب الصلة من الاخوان المسلمين سوي ان يستضيف المفكر الشيخ محمد سليم العوا لكي يستغله ذلك المذيع اعلاميا بذات الطريقة التي استغلت بها المصري اليوم الاسقف بحيث وضع المذيع الكلام علي لسان الشيخ «المسن» في تماه بين المذيع والشيخ مع اهداف قناه الجزيرة التي لا يعنيها مصر ولا الاسلام ولا المسيحية.

وهكذا انقسم المشهد المصري الي قسمين:

الاول: يهاجم الشيخ المسن وقناة الجزيرة متخطيا الاسقف وزلات لسانه المعهودة.. والمصري اليوم صاحبة السبق الصحفي الدائم في الاصطياد في «المياه العكرة» ثم الاعتذار بعد ذلك حتي مع كتابها مثلما حدث مع د.حسن نافعة مؤخرا

الثاني: يهاجم الاسقف دونما اي لوم للشيخ المسن والقناة المغرضة التي نجحت في استخدام المذيع والشيخ والمصريين لاثارة "الفتنة" في وطنهم، ولكن أطرف ما في الأمر أن المذيع إياه ردد اكثر من عشرة مرات أن الدولة المصرية «دولة ضعيفة».. وبالطبع يعلم أشد العلم أن الأمر عكس ذلك .. فالدولة الضعيفة تبطش وتحكم باليد القوية.. ولو كانت الدولة المصرية كما يراها ذلك المذيع لكانت ارتعشت من برامجه المسمومة ،ولم تسمح له بالدخول والخروج في وطنه.. والاتجار بالدين تارة وبالوطنية الزائفة تارة اخري.. رغم انه لا يجرؤ علي استضافة معارض قطري مثلا للحوار حول السنة والشيعة في قطر وإلا قطعت رقبته، ولا يستطيع أن يفكر في أن ينطق بأن قطر دولة ضعيفة!!

نعم مصر دولة ضعيفة امام حرية التعيبر، والديمقراطية وهذا سر قوتها التي تسمح بكل تلك المحاولات المحمومة من قبل تلك الجماعات المريضة ووسائل الاعلام المفلسة والتي فشلت من قبل في غسيل الاموال وتسعي الآن لغسيل العقول عبر الاعلام لتحسين المناخ قبل معركة الانتخابات البرلمانية المقبلة في محاولة لابتزاز الحكم وجره الي طاولة الصفقات من أجل تفادي الفشل المحتوم في الانتخابات القادمة.

والطبع لم ينجح قناة الجزيرة ولا المصري اليوم مع اختلاف الاهداف في اثارة الفتنة الطائفية، ولم ينجح لا الاسقف ولا الشيخ في صنع استقطاب طائفي سوي وسط بعض الحلقات الدينية التي تعاني من البطالة بعد الافلاس سابقا، او بعض المتأقبطين الذين «يلقطون رزقهم» مالياً او اعلاميا من وراء ذلك!!

وستظل مصر قوية دولة وشعبا، حكومة ومعارضة مدنية.. رغم اجتياح الهوس الديني.. لأن مصر لن تهزها صحيفة ولا تقلقها فضائية، ولا حماقهة هكذا او ذلك.. وكفي الله المؤمنين شر القتال.

[/b]