حوار ـ خالد عبدالرسول - رفعت السعيد متحدثا لـ (الشروق) بعد لقائه مع صفوت الشريف تصوير : جيهان نصر
اطبع الصفحة
فى لحظة فارقة بين سيناريوهات كثيرة متناقضة، من بينها التوريث من ناحية والتغيير من ناحية أخرى، أن تنهض المعارضة المصرية أو لا تقوم لها قائمة، التقت «الشروق» د.رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع، عقب أيام قليلة من تقدمه للأمين العام للحزب الوطنى الحاكم صفوت الشريف بورقة ضمانات نزاهة الانتخابات التى أعدتها أحزاب الائتلاف الأربعة.
خلال الحوار تجنب السعيد إعطاء إجابة واضحة عن سؤال: ماذا ستفعل أحزاب المعارضة فى حالة عدم استجابة الحزب الحاكم لمطالبها الخاصة بتقديم ضمانات لنزاهة الانتخابات. وقال إن أحزاب المعارضة تقدمت بمطالب ضمان نزاهة الانتخابات؟ إلى الحزب الحاكم، وإن «الوطنى فى النهاية هو الذى سيقر الضمانات».
وبخبرة سياسى محنك أخذ الرجل يدافع عما «يعتقد أنه الصحيح وفى صالح الوطن والتغيير الصائب» على حد قوله، فى مواجهة اتهامات قديمة جديدة له بالحيلولة دون توحد قوى المعارضة ومهاجمة الإخوان لحساب السلطة والالتفاف على الآليات الديمقراطية الداخلية فى حزبه.
وشبه مصر بـ«العربة الغارزة فى الرمل» التى يسعى الإخوان لرفعها إلى الوراء فى حين يسعى حزبه إلى دفعها للأمام، مؤكدا أن موقفه الرافض للتنسيق مع الإخوان موقف مبدئى وليس لحساب النظام «الذى يتفق مع الإخوان فى كثير من القضايا» على حد قوله.
وإلى نص الحوار:
● قابلت صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطنى قبل أسبوعين لتقديم ورقة «ضمانات نزاهة الانتخابات» التى اتفقت عليها أحزاب الائتلاف، الوفد والتجمع والناصرى والجبهة، فكيف كانت أجواء اللقاء؟ ــ ذهبت ممثلا لأحزاب الائتلاف، وبمجرد أن هاتفته حدد لى موعدا فى اليوم التالى. كانت أجواء اللقاء ودية، وتناقشنا فى مسألة الضمانات. شرحت وجهة نظرى وسمعت وجهة نظره. وقال إنه سيعرض ورقة الضمانات على قيادات الحزب الحاكم، واتفقنا على صيغة البيان الذى صدر بعدها عن أمانة أحزاب الائتلاف حول نتيجة اللقاء.
● هل شعرت بأن هناك اتجاها للاستجابة للضمانات، وإلى أى حد؟ ــ اتفقنا أنه سيعرض ورقة الضمانات على قيادات الحزب الحاكم، وقد يكون هناك لقاء ثانٍ نستمع فيه لملاحظات الوطنى عليها. لكنه أكد أن الحزب الوطنى يدرس إمكانية تحقيق ضمانات لنزاهة الانتخابات فى إطار الالتزام بنصوص الدستور وقانون مباشرة الحقوق السياسية، لأنه يعتقد أن إدخال تعديلات فى الفترة الضيقة الحالية صعب. وفى كل الأحوال أعتقد أنهم سيستجيبون فى إطار قدرتنا على تحريك المياه الراكدة فى المجتمع وإثارة الضمانات بشكل جماهيرى.
● ألا يعنى كلامه عن تحقيق الضمانات «فى إطار نصوص الدستور وقانون مباشرة الحقوق السياسية» أنه لا توجد نية للاستجابة لطلباتكم، خاصة أن بعض الضمانات التى تقترحونها تتطلب تعديلات فى قانون مباشرة الحقوق السياسية؟ ــ هناك أشياء فى الضمانات لا علاقة لها بتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية الحالى، بل هناك أشياء متعلقة بتطبيقه مثل منع التزوير، وضرورة الحصول على التوكيلات لوكلاء المرشحين. طبعا الضمانات تحتاج لتعديل الدستور. وأعتقد أن هذه عملية وفق أحكام الدستور نفسها تحتاج لأغلبية معينة فى البرلمان ثم تطرح للاستفتاء. يعنى شغلانة. لكن إحنا بنسجل مطالبنا لنؤكد أن مصر تمتلك الحق فى أن تكون لديها انتخابات نزيهة شفافة.
● البعض وجه انتقادات لفكرة اللجوء للحزب الوطنى على أساس أنه لا يعقل أن يقدم ضمانات تقلل فرصه فى الحصول على الأغلبية. ــ هناك نقطتان؛ الأولى: من الذى سيحقق الضمانات فى نهاية المطاف، سواء كانت مقبولة أو غير مقبولة.. الحزب الوطنى. نحن نتوجه للجماهير والجماهير ستؤيد، لكن الوطنى هو الذى سيتخذ القرار. والثانية: أن إعمال العقل يقتضى أن يتنازل الحزب الوطنى عن فكرة الاستحواذ على كل شىء لأنها فكرة قاتلة. وإذا تنازل الوطنى عن شهوة الاستحواذ يمكن إجراء انتخابات بضمانات متوسطة، وفى هذه الحالة أعتقد أن الوطنى سيحصل على الأغلبية، ولكن أغلبية معقولة. وأعتقد أن هذه الشفافية ضرورية بالنسبة للنظام واستقراره وإعطائه إمكانية للاستمرار.
● طوال الأسابيع الماضية وقوى الائتلاف تتحدث عن رفع ضمانات نزاهة الانتخابات إلى الرئيس، فلماذا لم تتوجه بها مباشرة إليه؟ ــ لم يحدث أن اتفق الائتلاف أن يوجه رسالة أو يطلب موعدا من الرئيس. وحدود التفويض الذى أخذته من أحزاب الائتلاف هى أن أقدم هذه الملاحظات التى نطلبها كضمانات للعملية الانتخابية إلى الحزب الوطنى وأنا قدمتها إلى الأمين العام الذى يمثل الرجل الثانى فى الحزب.
● ماذا سيكون موقفكم لو لم تتم الاستجابة لمطالبكم؟ هل تتخذ أحزاب الائتلاف موقفا موحدا بالمقاطعة؟ - مفيش فى السياسة حاجة اسمها لو، لكن علينا أن نسير خطوة خطوة نحو تحقيق الضمانات، ونواصل العمل مع الجماهير. ويكون لكل حادث حديث. والحديث سيكون متوقفا على رأى الأجهزة القيادية فى الأحزاب الأربعة. ولا أحد يستطيع أن يأخذ قرارا منفردا. ولا يستطيع الائتلاف أن يصوت بالأغلبية. وقد يكون هناك أكثر من موقف وكل حزب يلتزم بموقفه.
● هل أحزاب الائتلاف الأخرى على نفس الدرجة مع التجمع فى إيمانها بدور العمل الجماهيرى فى تحقيق الضمانات؟ - من المفترض نعم. ومتفقون أن نبدأ بعقد مؤتمرات جماهيرية مشتركة بين الأحزاب. وحزب التجمع أخذ المبادرة وسينظم أول هذه المؤتمرات الجماهيرية بعد العيد. ومن المفترض أن يشارك فيه أحزاب الائتلاف.
● نقل عنك «أن التجمع سيخوض الانتخابات حتى لو لم تتوافر ضمانات»، فما الفائدة التى ستعود على حزب التجمع من ذلك؟ - لم يحدث.
● ألم تصرح مبكرا للصحف بأن الحزب سيخوض الانتخابات حتى قبل أن يعقد الحزب اجتماعاته للتعرف على رأى قادته فى المحافظات، وهو ما اعتبره أعضاء بالحزب مصادرة على رأيهم؟ - أعضاء التجمع ليسوا «شوية قطط» يمكن استدراجها بلقمة عليها قطعة جبن. حزب التجمع له كوادر كل منها له رأيه وأسلوبه الخاص. والشىء المؤكد أن الأمانة العامة للتجمع وهى أعلى هيئة قيادية فيما يتعلق بالعمل اليومى قررت أن نقوم بعمليات الإعداد للانتخابات وأن نواصل ذلك جنبا إلى جنب مع المطالبة بالضمانات وأن يتم استطلاع رأى قيادات الحزب فى المحافظات. لكن لا أحداً فى حزب التجمع يقدر أن يسبق أحد.
● البعض رأى فى الصيغة السابقة مناورة للالتفاف على دعوات المقاطعة؟ - قلنا إننا سنواصل معركتنا الانتخابية وسنواصل الضغط من أجل الحصول على أكبر قدر من الضمانات. وبعد ذلك نقرر فى الوقت الذى نراه ملائما «داخلين ولا مش داخلين». وهذه ليست فزروة فلو أنا جيت النهارده وقلت أنا نازل. طب بتطالب بضمانات ليه؟ ولو قلت أنا مش نازل من دلوقتى. طب بتطالب بضمانات ليه؟ ما انت مش نازل.
● رئيس حزب الوفد السيد البدوى سبق وقال إن حزبه يمكن أن يحصل على 20 مقعدا فى انتخابات الشعب المقبلة، فما تقديراتكم المبدئية لما يمكن أن يحصل عليه التجمع؟ - المسألة ليست حسابية. لأنه لم يتضح بعد مدى شفافية الانتخابات.
● هناك من يتهم أحزاب المعارضة، ومن بينها التجمع، بأنها غير جادة فى معارضتها للنظام، بسبب سيطرة الحسابات والمصالح الشخصية لقادتها؟ - كثيرون هوايتهم نقد أحزاب المعارضة، وكثير منهم ينتقدون أحزاب المعارضة ولا ينتقدون النظام. ويقول لك «أنت لا تنتقد النظام بما يكفى». أنا لا أحترم أى نقد من هؤلاء الهواة «جنرالات المقاهى»، الذين يكتفون بالفرجة. فمهمة المثقف أن يمد يده، وإذا كان مش عاجبه يمد يده، أو خايف أو لا يجرؤ أو لا يستطيع فعليه أن يصمت.
● هذا لا ينفى أن هناك أوجه نقد موضوعية على أداء أحزاب المعارضة، وأن جانبا من هذا النقد يأتى من أشخاص لا يمكن اتهامهم بأنهم «جنرالات مقاهى». ــ فيما يتعلق بالتجمع. أتحدى أن يوجد فصيل سياسى شرعى يفعل ما يفعل التجمع. وفيما يتعلق برفعت السعيد أتحدى أيا من هؤلاء المنتقدين أن يقول نص أو ربع أو عشر ما أقول. أنا أفعل، وحزبى يفعل ما نعتقد أنه الصحيح وأنه فى صالح الوطن وفى صالح التغيير الصائب.
ونحن لا نستظل بمظلة خائبة، فالبعض يبرر خوفه بأن يستظل بمظلة أخرى كالإخوان، ونحن لا نستطيع أن نتحالف مع قوى رجعية ونحاول أن نخلق البديل الآخر أو الثالث. وهذا هو برنامج التجمع؛ الذى يقول إنه يواجه خصمين على قدم المساواة: النظام، وجماعات التأسلم السياسى.
● لكن هناك من يأخذ عليكم أنكم تهاجمون الإخوان أكثر مما تهاجمون النظام، ويرون أن ذلك بدافع من حسابات مع النظام ذاته؟ - موقفنا من الإخوان مبدئى. الحكومة تعارض الإخوان لأنهم منافسون سياسيون، لكننا نعارضهم لأننا ضد إقامة حزب على أساس دينى، ونرفض أن يستخدم أحد الدين كستار، والحكومة تقوم بذلك. فهى تقول ممنوع على الإخوان استخدام الدين فى الدعاية، ثم تجد شيخا ذا منصب عظيم يصدر بيانا يقول «اللى مش هيروح الاستفتاء على الموضوع الفلانى يبقى فاسق لأنه يكتم شهادته». وبالتالى الحكومة ليست جادة فى مواجهة الإخوان، وهم متفقون فى المحتوى الاجتماعى وكثير من القضايا لكنهم متنافسون على السلطة.
حسن البنا عندما عمل برنامجا قال «هذا البرنامج كله من الإسلام وكل نقض له هو نقض للإسلام». كله من الإسلام يعنى لا تنتقد حرفا واحد فيه. فهو يعتبر أن الآخر هو الذى يقف ضد الإسلام. وهذا موقف سياسى فكرى يجب أن يواجه. لكن الحكومة لا تواجهه وتكتفى أحيانا باعتقال مجموعة من الإخوان، وأنا أعتقد أن مواجهة الفكر لا يمكن إلا أن تكون بالفكر.
لكن النظام لا يوجد لديه أى نية فى مواجهة حقيقية مع جماعة الإخوان. لا هو راغب ولا هو قادر. يبقى إحنا بنخوض معركة ليس من أجل الحزب الوطنى. ولكن من أجل مصر، ومن أجل أن تحكم حكما ديمقراطيا.