من تعاليم القديس أنبا شنودة
كان أنبا شنودة يعلِّم أولاده قائلاً: يوجد طريق واحد للحياة، هو أن تحب الرب إلهك من كل قلبك وتحب قريبك كنفسك. والذي لا تشتهي أن يفعله بك أحد لا تفعله أنت بأحد. لا تقتل، لا تفسق، لا تشتهِ شيئًا لصاحبك، لا تشهد بالزور. لا تقُل شرًّا على أحد، ولا يكن كلامك كاذبًا أو باطلاً. لا تكن بقلبين في أفكارك البتّة. لا تأخذ أجرة أجير، ولا تتعظّم في قلبك، ولا تقُل كلامًا رديئًا. لا تبغض أحدًا من الناس. إذا سقط واحدٌ في خطية فبكِّته بينك وبينه وصلِّ لأجله ووجِّهه مثل نفسك
وقال أيضًا: اهرب من كل شر. لا تكن غضوبًا لأن الغضب يقود إلى القتل. لا تكن حسودًا ولا لوامًا ولا مماريًا، لأن ذلك يولِّد القتل. لا تكن طموحًا مشتهيًا، لأن الشهوة تؤدِّي إلى الزنى. لا تتفوّه بكلام باطل. لا تكن وقح العينين، لأن ذلك يؤدّي إلى شهادة الزور. لا تكن راقيًا ولا معزِّمًا، ولا تقترب من هذه الأفعال، لأنها تجعل الإنسان يبعد عن الله. لا تكن كاذبًا ولا محبًا للفضة، لأن ذلك يؤدّي إلى الكفر. لا تصغر نفسك، ولا تفكر بالشر
وقال أيضًا: كن وديعًا لأن الودعاء يرثون أرض الحياة. كن طويل الأناة بسيط القلب صالحًا خائفًا من الله، مرتعدًا من كلام الله في كل وقت. لا ترفع نفسك ولا تتكل على الغد. اسلك مع الأبرار والتصق بالمتواضعين. وما يحلّ بك اقبله سواء ظننته شرًا أو خيرًا. اتلُ الكلام المبارك ليلاً ونهارًا واذكر كلام الله. اسأل عن طريق القديسين وابتهج بكلامهم. لا تعمل فرقةً بين إنسان وآخر، بل اجمع المتفرقين بالمصالحة والسلام. أحكم بالحق ولا توبِّخ أحدًا على خطيته. لا تكن مبسوط اليد عند الأخذ وقابضها عند العطاء. أعط الفقراء لكي تُمسَح خطيتك. وإذا دفعتَ شيئًا لأحد لا تكن بقلبين، ولا تتذمر عند الدفع. إذا كنتَ رحيمًا فاعلم أن الله يعطيك الأجر الحسن. لا تردّ وجهك عن سائل كقدر قوتك. كن مشاركًا لكل أحد يحتاج إليك، لأنك إذا شاركتَ الآخرين في الدنيا الفانية، تكون مشاركًا للأبرار في الآخرة الباقية
وقال أيضًا: التأمل هو نصف العبادة، والجوع يجب أن يرافق العبادة. أقرب الناس إلى الله هو المتفكر في الخير وفي الجائع. وكما قال بعض المعلّمين: إذا امتلأت المعدة ثارت الفكرة وصمتت الحكمة وارتخت الأعضاء عن العبادة. خبز الشعير والماء والنوم على المزابل يوافق مَنْ يشاء أن يسكن الفردوس.
وقال أيضًا: من أعداء المسيرة الرهبانية التفكير العقلاني والرضا عن الذات وشر التدبير، وثمرة المعرفة هي الحكمة، وحُسن التدبير هو في كمال غيرة المعرفة والكنوز المذّخرة في أقوال الصالحين. إذا علمتَ (أي إن كانت لك معرفة) فاذكر أن الله ينظر إليك، وإذا تمسكنتَ فاذكر معرفة الله فيك، وإذا تكلمتَ فاذكر أن الله يسمعك. راقب ساعات حياتك لئلاّ تفلت منك بالتغافل، وإيمانك لئلاّ تبيعه بثمن بخس، وكلامك لئلاّ تتكلم فيما لا يعنيك
وقال أيضًا: اهجر الدنيا بالآخرة، والناس بالملامة. وإذا لم تساعدك نفسك على الطاعة ومخافة الله والشكر، فتمم الطاعة بمخافة ورجاء وشكر. أصل المعصية هو الكبرياء والغضب والحسد
وقال أيضًا: إذا كنتَ بالنهار هائمًا وبالليل نائمًا، فمتى تتجه نحو من يأمرك وهو قائم؟ إذا كنتَ بالنهار (مثل) خلية، وبالليل (مثل) خشبة، فمتى تقوم لكي تتجاوز العقبة؟ إنك تنال النعمة السماوية بفعل المكارم وتجنُّب المحارم والصبر على المغارم (أي الخسائر)، مع امتلاء العينين بالدموع واللسان بالثناء والتمجيد، والقلب بمخافة الله والرجاء