الكتاب المقدَّس
#
بقلم
# بنت السريان
#
#
مشيت أستطلع معالم الحياة،
#
قادتني قدماي من حيث لا أدر إلى حديقة غناء رائعة،
#
سألت لمن تكون هذه؟
#
قالوا لبستاني يسقيها دماء قلبه بدل الماء..
#
يرعاها بيمينه، ويذود عنها حيال كل ريح عاتية،
#
عينه لا تفارقها،
#
فقد أحبها حبا أقوى من الموت ،
#
ووسمها بخضاب دمه وأعد لها منازل الراحة والسلام .
#
كلامهم هزّني وأثَّر في نفسي،
#
فإني قد وجدت ضالّتي،
#
لذا عمدت لأدخل هذه الحديقة وأتنعّم بما يسعد قلبي،
#
فهناك وازع في أعماقي يشدني لتلك الروضة الغناء وصدح بلابلها يشنف آذاني، وقيثاراتها تبعث أعذب الألحان في نفسي.
#
ما أن وضعت قدمي على عتبة باب الحديقة
#
حتى بادرني البستاني بالتحية، فاتحا يديه أخذني بالأحضان
#
قائلا: إني لا أردّ كل من يقبل إليّ !!
#
أخجلني بلطفه وحنانه، كلامه شهد عسل،
#
وهو يعمل بتواصل،
#
يرعى غروس حديقته،
#
يسقيها ويرعاها بنفسه،
#
يُقوِّمُ المِعْوَجّ منها ويقيم الساقط ..
#
نظرت إليه،
#
آثار جروح في جبهته وثقوب دم في يديه ..
#
أومأ إليَّ وأذَنَ لي بالتوغل في أعماق حديقته،
#
وانكَبَّ يُدَوِّّن على صفحات دفتره ما لا أعلم.
#
تركته في عالمه
#
وسرت بعيدة عنه لا ابتغي
#
سوى أن أُمتِّعَ ناظري بما يتمتع به هذا الفنان العبقري
#
من مواهب وقدرات عظيمة،
#
وقلبي يتوهّج بنار حب لم أعهده من قبل،
#
فإن ما وقعت عليه عيناي أدهشني حقاً،
#
ولشدّة حبّي للزهور جلست قبالتها ،فيا لروعة خالقها،
#
إني سكرى بعبير أريجها ..
#
نشوة فرح غمرتني وهمسات حب نادتني،
#
قلت: أفيديني،
#
قالت: أبواب متعددة .. لك منها ما شئت، أغرفي:
#
فقصة الخلق والحياة (في التوراة)،
#
والوحي الإلهي (في الأنبياء)،
#
ومن الغزل الروحي (نشيد الانشاد)،
#
ومن الترنيم والحِكم (المزامير والأمثال)،
#
ومن الوجدانيات والوصف ( أمثال الرب يسوع)،
#
و من العظات والعبر (الموعظة على الجبل)،
#
ولك من الإرشاد والفلسفة والنثر ( الرسائل وأعمال الرسل)،
#
والمجيء الثاني والملك الأبدي (رؤيا يوحنا) ...
#
هيا انهلي منها ما يطيب لك.
#
صمت .. اخترق حزن ذكرياتي ..
#
أبحرت في أعماق نفسي وقلّبت أوراقي ..
#
وجدتني قد أضعت زمناً طويلاً دون فائدةٍ، وفي حنايا ضلوعي تختلج جمرات حمم بركانية ..
#
لذا حكّمت ضميري و أخذت أغرف من المناهل العذبة،
#
لأسقي بها شتلاتي التي أعددتها عربون حب ووفاء،
#
تفوح منها رائحة تبشير تزيد من بهاء روضتي،
#
هذه الحمم البركانية التي أطلقتها قريحتي
#
بعون الرب واحدة تلو الأخرى،
#
اعترافاً مني بفضل الهي عليّ،
#
تلك التي فاضت منها السنة نار حبٍّ كمن في دواخلي
#
منذ نعومة أظفاري،
#
إذ أنا مغرمة بحب صادق
#
لمن فداني وعلى عود الصليب ارتفع عني لأحيا،
#
لا أنا بل هو يحيا فيَّ ..
#
لأكون معه في الأبدية التي أعدّها لخائفيه،
#
وما تأملاتي المتلاحقة إلاّ عربون حبِّ ليسوع ..
#
رفيق حياتي.
#
إنّ ذاك البستاني هو ربي ومخلصي وفاديَ يسوع المسيح
#
الذي جذبني إليه وأمدّني بكل ما احتجته في مسيرة حياتي الصعبة،
#
كي لا أتعثر بل أسير واثقة الخطى،
#
لذا وجب عليّ أن أدعوكم
#
لتنظروا بأم أعينكم روائع البستاني هذا،
#
فكثيرون هم حبساء حديقته بمحض إرادتهم،
#
في قلاليهم وصومعاتهم
#
يسبحونه ليل نهار،
#
في العراء،
#
في مخابيء الوديان،
#
وعلى قمم الجبال،
#
فالأرض كلها ملكه،
#
على الأنهار أسسها وثبت عواميدها.
#
اسمحوا لي
#
أن اقدم لكم من أطاييبه على طبق ذهبي..
#
ولا أكتفي،
#
بل أقول إن هناك لافتة على باب الحديقة مكتوب عليها :
#
( الكتاب المقدَّس)